عباد الله إن العبد المؤمن في هذه الحياة مطالب بإصلاح باطنه كما هو مطالب بإصلاح ظاهره, وكما أن الظاهر يحصل له أنواع من الأمراض والأسقام فكذلك باطن الإنسان يتعرض لأنواع من الأضرار والأسقام, والعبد مطالب بأن يجاهد نفسه على إصلاح ظاهره وباطنه, وعندما يتأثر الباطن عباد الله فإن الظاهر تبع له في صلاحه وفساده كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: " ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " ولهذا عباد الله كان متأكدا على كل مسلم أن يفتش عن قلبه وأن يتأمل في نفسه وأن يتدبر في أخلاقه الباطنة هل هي أخلاق زاكية وأعمال فاضلة؟ أم هي بخلاف ذلك فيصلح ما فسد ويحافظ على ما صلح, عباد الله خصلة ذميمة وخلة مشينة من خصال القلوب وخلالها جاء ديننا الإسلامي بالتحذير عنها والنهي عنها وبيان خطورتها على الأفراد والمجتمعات ألا وهي خصلة الحسد عباد الله, والحسد شر ووباء وداء فتّاك إذا سرى في الإنسان أفسده وأضر به أيما ضرر, الحسد عباد الله شر يتعوذ بالله منه ﴿ومن شرِّ حاسدٍ إذا حَسَد﴾ [ الفلق: 5 ]الحسد عباد الله جاء في النهي عنه والتحذير منه نصوص متكاثرة وأحاديث متضافرة يقول عليه الصلاة والسلام: " لا تحاسدوا " ويقول صلى الله عليه وسلم : "إياكم والحسد " والأحاديث في هذا المعنى كثيرة, والحسد عباد الله صفة الأشرار من الخلق ولهذا حسد إبليس قديما أبانا آدم حسده على ما أتاه الله من النعمة والفضل منَّ الله على آدم بما منَّ عليه من الفضائل حيث خلقه بيده وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته وعلمه أسماء كل شيء فحسده إبليس ولا زال به في الجنة حتى خرج منها.
د.احمد الموسى