سر العبودية هو النية والإخلاص لله عزوجل وهذا أساس الدين وعليه يقوم بل هو معنى (لا إله إلا الله محمد رسول الله) التى هي ركن الدين الأعظم،ولا يمكن أن يكون المسلم مسلما أو الإنسان مسلما إلا بها ومن ختم له بها دخل الجنة كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام فمعنى (لا إله إلا الله ) أي لا نعبد إلا الله لا نقصد بعملنا الذي نقوم به إلا وجه الله عزوجل وامتثال أمره وابتغاء مرضاته وهذه هي النية ومناط الأعمال ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فى بيان هذه الحقيقة، أصل الدين يقوم على هاتين الشهادتين( لا إله إلا الله ) أي لا نعبد إلا الله (وأشهد أن محمد رسول الله) أي لا نعبد الله عزوجل إلا بما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلا بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا هو أصل الدين وأساسه ولذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام فى حديث عمر ابن الخطاب (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمريء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) هذا الحديث هو أصل قاعدة عظيمة سماها العلماء قاعدة الأمور بمقاصدها وهي أحد القواعد الخمس الكلية الكبرى التى تقوم عليها الشريعة وأول قاعدة هي قاعدة الأمور بمقاصدها فكل أحكام الشريعة فى الواقع ترجع إلى هذه القواعد الخمس وعلى رأسها قاعدة الأمور بمقاصدها أو(إنما الأعمال بالنيات) معنى قوله ( إنما الأعمال بالنيات) أي لا عمل إلا بنية سواء كانت هذه النية صالحة أو فاسدة مراد بها وجه الله أو مراد بها وجه غيره لا يمكن أن يوجد عمل إلا بنية ( وإنما لكل امرئ ما نوى) الإنسان يثاب أو يؤزر على حسب نيته فإن أراد بعمله وجه الله عزوجل فإنه يثاب عليه وإن أراد به غير ذلك فإنه لا يثاب أوربما يرتكب إثما ويؤزر على ذلك إذا ( إنما الأعمال بالنيات) هذه تتعلق بالشئ المنوي وهو العمل فالإنسان بحسب نيته من العمل سواء نوى به عبادة أو غيرها ، نوى به فريضة أو نافلة، نوى به عبادة أو عادة فالذي يميز هذه الأشياء بعضها عن بعض هي النية ( وإنما لكل امرئ مانوى )أي إنما أجره أو إثمه بحسب نيته أيضا العبادة يعظم أجرها أو ينقص بحسب النية فرب عمل صغير تكبره النية ورب عمل كبير تصغره النية وكما قال بعض السلف إنما تفاوتوا بالنيات ولم يتفاوتوا بالعبادات أنا أحب أن أؤكد على أن فعلا النية هي سر العبودية لأمرين الأمر الأول أن النية شرط لقبول جميع الطاعات والعبادات لا يمكن أن يقبل عمل بلا نية وهذا بإجماع العلماء من شروط صحة العبادات سواء صلاة أو صيام أو حج أو غيره هي النية وهي أول شروط صحة العمل الأمر الثاني: أن بهذه النية تستطيع أن تحول حياتك كلها وحركاتك وسكناتك وأكلك وشربك ولعبك ونومك ومشيك وإتيانك حتى ما أباحه الله عزوجل من الشهوات والطيبات تحولها جميعا إلى عبادة وبهذا فعلا تحقق العبودية التى أرادها الله سبحانه وتعالى لعباده فى قوله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 جاء هذا الحديث للشيخ في برنامج فضاءات على قناة رسالة الفضائية الجمعة 23 ربيع الأول 1430 هـ
م/ن