من عجائب التدبير الإلهي في مشهد الصراع بين الإسلام ، وأعداءه ، المتضمّن آيات الله الباهرة ، التي لايراها إلاّ أهلُ البصيــرة ، المهتدون بنور الوحي ، المليئة قلوبهم بضياء اليقين ، ما يلــــي :
1ـ في الوقت الذي امتلأت بلادُ العرب
سيما العراق ، والجزيرة ، من جيوش الصليب التي لا تُوازيهــا ، أيّ قوة
ماديّة في الأرض ، ومما لم يسبق له مثيل في التاريخ ، كان من المتوقع وفق
المعايير المادية أن لايبقى للجهاد اسم ، ولا لراية القتال في سبيل الله رسم .
لكن الذي حدث ـ وسبحان العزيز الحكيم ـ أنـّه لم تكن أصلا ،ومنذ عقود ،
رايةٌ للجهاد على مستوى البصيرة في العلم وإتباع السنّة ، والتخطيط المحكم ،
والإعداد المتقن، والنكاية بالعدو ، والعزيمة الماضية ،والأمل الراسخ
بالنصر ، كما هو الحال اليوم ،
وأين ؟!
في العراق نفسه ، الذي فيه قـد حلّت كلّ قوى الكفر العالمي ، والتي هـي
أيضا ، كانت قـد سعت بكلّ ما أوتيت من خبث ، ومكر ، لإجتثاث الإسلام من
العراق ، حتى أصبح مرتعا لكل الأحزاب اللادينية المعادية للفكرة الإسلامية ،
فأصبح اليوم محضن الإسلام الجهادي ،وفيه ترفع رايته ، وتتساقط أمامها كلّ
الرايات الأخرى .
فتأمل هذه العجيبة !
2 ـ في الوقت الذي حاز الأعداء على
مقاليد التكنلوجيا المعلوماتية ، وخططوا ليتمكنوا بها للسيطرة على عقول
المسلمين ، وليفسدوها ، وهيمنوا على الفضاء ، ليقعــدوا منها مقاعد للسمع ،
وليرصدوا مرور المعلومات في كلّ الأجواء ، كان من المتوقع أن لايُسمع
للإسلام صوتٌ ، فضلا عن صــوت كلمة الجهاد ، وصيحــة العزة ،
لكن الذي حدث ـ وسبحان العزيز الحكيم ـ أنـّه لم تكن قطّ ـ ومنذ قرون ـ
كلمةُ الجهاد ، أرفع من اليوم ، ولم يحصل كذلك أنّ صوتَ العزة الإسلامية ،
أكثر طرقاً لأسماع البشر من هذا العصـتر ، بعزّ عزيز ، أو بذلّ ذليل ،
طوعاً ، أوكرهــاً ،
بل ذلك يعلن بالصوت والصورة أيضـا ، حتـّى لم يبق نورٌ من نور هذه الشعيرة
الإسلامية العظيمة ، التي هي ذروة سنام الإسلام ، إلا وبلغ أقاصي الأرض ،
بقوّة واستعلاء شامخين ، حتى اعترف وزير دفاع أقوى دولة في العالم أمريكا ،
أن الإعلام الجهادي ، متفوّق على الآلة الإعلامية الأمريكية .
فتأمل هذه العجيبة!
3ـ في الوقت الذي كانت الصفوية
العنصرية في إيران ، تحشد السلاح المدّمر ، وتنفق المليارات على مخطط ماكر
للسيطرة على العراق والجزيرة ، طامعة في العدوان على المسلمين ، كان من
المتوقـّع أن تبلغ أهدافها الخبيثة ، لكــــن الذي حدث ـ وسبحان العزيز
الحكيم ـ أن الله تعالى قـد أعــدّ الظّالمين ، ليسلّطهم على الظالمين ، فجاء بالقوات الصليبية :
ـ لتنال حظّهــا من العقوبة الإلهية على يد المجاهدين ، فتصِمُها كتائب
الجهاد بالذلّ، وتسمُ خرطومَها بالمهانة ، وتلصق أنوفها بالرغام ، وتُظهرها
أمام العالم على حقيقتها ، وتكشف أمام الناس جميعا سوءتها ، فيُهراق من
دماءهم ، ماشاء الله أن يُهراق بالحق ، جزاءَ ما سفكوا من دماء المجاهدين في أفغانستان ، وغيرها من بلاد المسلمين بالباطل .
ـ ويرهقها إنفاقها العسكري فيكون سببا في هلاكها بإذن الله ،
ـ ويسلّطها على عدو آخر يتربّص بالمسلمين بالدوائر ، فيعجّل بهلاكها بإذن الله .
ـ ويجعل سبحانه ذلك كلّه من الكيد لدينه الذي هو دين جميع المرسلين ، وأمة محمد صلى الله عليه المصطفين على العالمين .
فتأمل هذه العجيبة !
4ـ في الوقت الذي حازت أمريكا فيه
،على تمام القدرات الإستخباراتية ، والتطوّر في وسائل التجسس ، والآلات
البالغة التعقيد في مراقبة كلّ شيء ، وكان من المتوقع أنـّه لايعجزها أن
تصل إلى أيّ عدوّ لها في الأرض ، وتكشف مُسبقا كلّ خططه ،
لكنّ الذي حدث ـ وسبحان العزيز الحكيم ـ أنـّه لم تكن أمريكا أشـدّ عجزاً ،
في الوصول إلى معلومات عن عدوّ لها ، هـو أفقر الأعداء في وسائل تكنولوجيا
التجسّس ، وأبعد المناوئين لأميركا مسافةً بينه وبين تطورها التكنولوجي
الإستخباراتي ،
حتى إنّ قيادات الجهاد العالمي ، تتحدّى أمريكا بالظهور العلني المتكرر ،
وبأشدّ عبارات التحدّي ، والتهديد ، وتنفذ تهديداتها بقوّة تفوّق توقعات
عدوّها غالبا ,
ومع ذلك تقف أمريكا عاجزة تماما عن استعمال آلاتها الإستخباراتية العملاقة ،
فصارت في أيديها ، كأنهّـا عدم لافائدة فيها البتة ، وصدق الله تعالى العظيــم إذ يقول : ( ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لايعجزون ) .
فتأمل هذه العجيبة !
5ـ في الوقت الذي سخّرت أمريكا ، وأذنابها من الدول الخاضعة لها، هيئات الفتوى ، وشيوخ الزيف ، للشهادة بالزور على أن :
المشروع الأمريكي الصليبي لايناقض الإسلام ، فصمّوا الآذان بكذبهم أنّ الأعداء معاهدون مستأمنون ، جاؤوا بعهد الله ، وأمانة الله ، وفق شريعة الله !!، ولا يجوز حتّى التحريض ضدّهم ، وذلك من الإثم العظيم ، والزور الجسيم ،
وأنّ المقاومين للمشروع الأمريكي ، من المجاهدين باللسان ، والسنان ، هم
الخوارج الذين مشروعهــم يناقض الإسلام ! وأنّ التحريض ضدهم بل التبليغ
عنهم ، حتى لو سجنوا ، أو عذّبوا ، أو قتلوا ، من صلب التوحيــد ، ومن
التمسك بالنهج الرشيد !!
وكان من المتوقع أن تنجح هذه الأكاذيب ، في مسخ عقول المسلمين ، وتلبّس الحق بالباطل ،
لكنّ الذي حدث ـ وسبحان العزيز الحكيم ـ أن المسلمين ازدادوا بصيرة بكراهية
، وبغض ، وعداوة المشروع الأمريكي ، وسقط من أعينهم كلّ من يدافع عنه ،
حتى أظهرت جميع استطلاعات الرأي في البلاد الإسلامية ، أن أمريكا لم تكن
قطّ أكثر بغضا في قلوب المسلمين منها اليوم ،
فتأمّل هذه العجيبة !
6ـ في الوقت الذي أنفق الأعداء
المليارات ، وأستهلكوا جهودا ًلاتعـد ، مرت عليها أزمانٌ لا تحُصى ، لتخنيث
شباب المسلمين ، وإفساد أخلاقهم بتقديم مســـوخ ( ستار أكاديمي ) لهم
أنموذجا يحتذى بـه ، وكان من المتوقع أن تُعدم الرجولة تماما ، من شباب
الإسلام ، وسط هذا الكم الهائل من البث المخنّث الهائل في أجواء العالم
الإسلامي!
لكن الذي حدث ـ وسبحان العزيز الحكيم ـ أنّ صورة واحدة للزرقاوي ـ مثلا ـ
وهو يحمل شارة العزّة ، ويخاطب الأمّة بخطاب الرجولة ، ويعدها وعدَ
الأبطال، لاتكلف المجاهدين شيئا ، لكنها تُبــثّ في نفس وسائل الإعلام
المفسدة كأنّه رغما عنهـا !! فتُحطّم في لحظات ، كلّ تلك المؤامرات
الإعلامية الغربية على أمتنا ، وتجعلها هباء منثورا ، وتُخرج مئات الرجال ،
الذين يرفضون أن يكونوا مخنثين ، يتتبّعون أخبارهن الساقطة في كل وسيلة
إعلامية !
فتأمّل هذه العجيبة !
7ـ في الوقت الذي حشدت أمريكا كلّ ما
ملكت من تمكين مادي ، ومعنوي ، للقضاء على حركة طالبان ، وهي في المعايير
المادية أضعف دولة في الأرض ،وأقلّها خبرة في وسائل ، ومكايد، ومكر ،
الصراعات الدولية ، وكان من المتوقع أن تنتهي هذه الحركة إلى الأبد ، وتزول
فلا يبقى منها أحد ، ويصبح قادتها أسرى في سجون العدوّ ، يقدمهم أنموذجا
لمن يتمرد على فرعون العصر أمريكا ، كما قدم صدام حسين!
لكن الذي حدث ـ وسبحان العزيز الحكيم ـ أنّ طالبان وفقها الله
، ونصرها ، تزداد يوما بعد يوم قوة وعدداً ، وتتعاظم كلّ يوم نكايتها بعدو
أكثر منها عتادا ، وعدداً ، وأما قادتها فأكثرهم بخيـر ، وأتم عافية ،
لاسيما الملا أمير المؤمنين محمد عمر المتوكل على ربه ، فهو أعلى الأمراء
فخـرا في الأرض ، وأعلاهم قامة في المجد ،وأرفعهم رأسها في العـزّ .
فتأمل هذه العجيبة !!
8ـ في الوقت الذي استهلكت أمريكا كلّ
ماتملك ، من مال ، وخبرة سياسية ، وشراء للذمم ، وتسخير لمن يطيعها من
الشعوب ، والأمم ، لتنصيب حكومات دُمى تمثل مشروعها ، يرضى عنها الناس ،
وتظهر أمامهم قدرة أمريكا على تحقيق الأمن ، والاستقرار ، في البلاد التي تحتلها، وكان من المتوقع أن تنجح فيما ترمي إليه ،
لكن الذي حدث ـ وسبحان العزيز الحكيم ـ أنّ أكثر الحكومات فشلاً ، وأكثرها
تخبطاً، وأعظمها إفساداً في البلاد ، واستعباداً للعباد ، هي التي تنشأ تحت
الاحتلال الأمريكي ، كما في أفغانستان ، والعراق ، وكذا الصومال ، ذلك أن الله تعالى أبى إلا أن يظهرهم على حقيقتهم ،كما قال : ( ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون ) .
فتأمل هذه العجيبة !
9ـ في الوقت الذي قدمت الدول التي
رضيت بالعبودية لأمريكا ، كلّ ما تملك لإرضائها ، وخضعت لها حتى سجدت تحت
أعتابها ، وكان من المتوقع أن تكافئها بأن تمكنها وتحميى كراسي حكامها ،
لكن الذي حدث ـ وسبحان العزيز الحكيم ـ أنّ أمريكا أصبحت تخطط لتغييرها ،
وتتآمر ضدها مع معارضيها في الداخل ، وتوسّع عليها المكر والخديعة ،
وتُزعجها بالحديث عن الإصلاحات في نظام الدولة ، وعن تداول السلطة ،
وتنتقدها لمنع الحرية للمعارضين ، حتى صارت امريكا هي التي تدعو إلى الخروج
التدريجي على تلك الأنظمة ، بينما يجتهد علماء السوء بتثبيت كراسي أولياء
أمريكا بدعوى أنّ الاعتراض على سياستهم مذهب الخوارج ، والواقع أن مذهب
الخوارج تتبناه أمريكا نفسها التي ابتليت هذه الأنظمة بالخضوع لها ،
وابتليت بأن سُلّطت عليها !!
ثم أصبحت أمريكا تستغلها في حروب بالوكالة ، تدمّر تلك الأنظمة ، وتثقل كاهلها ، فيذهب عنها الأمان الذي نشدته عند أعداء الله تعالى ، فابتلاها الله بالخوف ، والرفاه الإقتصادي الذي نشدته عند الكفرة ، فابتلاها الله بالفقر واضطراب الأسواق المالية ، وكذلك كلّ من ترك الله لغيره ، عذّبه الله بذلك الغير ، ومن طلب الأمان عند غيره ، فهو ذاهب إلى خوفه من غير أن يشعر ، كماقال تعالى ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) .
فتأمل هذه العجيبة !
10ـ في الوقت الذي يقمع الطغاة
القائمين بالقسط من الناّس ، فيقتلونهــم ، ويشرّدونهــم ، ويأسرونهــم ،
ويضيّقون عليهم ، وكان من المتوقع أن تخفى كلمة الحق التي لايحبّ أن يسمعها
الطغاة ، وتضعف همم المجاهدين باللسان ، وتكلّ عزائمهم ،
لكن الذي حدث ـ وسبحان الله العزيز الحكيم ـ أنهم يزدادون صلابةً وبأسا ، ويستعمل الله بالحـق من بعد كلّ رأس رأسـا ، وتعلو كلمة الله التي يظهرها بهم على كلّ باطل ، وتزدان صورتهم بين الناس على لسان كلّ قائل .
ثم صار بأيديهم من وسائل نشر كلمة الحقّ أكثر بكثير مما كانوا يتوقعون ،
واتّسع الخرق على الطغاة ، فلم يقدروا أن يمنعوها ، وهي تنتشر في خطوط
الهاتف التي تنظّمها الدولة نفسها ـ شبكات الإنترنت ـ وتصل إلى الناس في
بيوتهم ، وتتجاوز كل وسائل الرقابة ، ساخرة من بطش أنظمة الإستخبارات التي
ترى كلمة الحـقّ ، تمر أمامها عاجزة عـن منعـها ، حتى تصل إلى مأمنها !!
فتأمل هذه العجيبة !!
وكلّ مامضى ، شواهدُ حيّة لمن يتدبّــر ، ناطقة بالتسبيح لقدرة الله تعالى الباهرة ، أن الله تعالى يمكر بأعداء دينه ، بمكرهم نفسه ، ويجعل كيدهم كيداً عليهم ، حتى يخـرّ عليهم بنيانهم نفسه الذي بنوه ،
فسبحان القائل (إِنَّالَّذِينَيُجَادِلُونَفِيآيَاتِ
اللَّهِبِغَيْرِسُلْطَانٍأَتَاهُمْإِنفِيصُدُورِهِمْ إِلاَّكِبْرٌ
مَّاهُمبِبَالِغِيهِفَاسْتَعِذْبِاللَّهِإِنَّهُهُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ)
وهذه كلّها آيات من الله تعالى ، يُظهرها لمن تدبـّـر ، ويجلّيها لمن في قدرة الله تعالى آمن وتفكـّـر ،
ويُخفيها عمّن عميت بصائرهم فلا يرونها ، ويطمس أبصارَهم عنها، فلا يشاهدونها .
( وَقَالُواقُلُوبُنَافِيأَكِنَّةٍ
مِّمَّاتَدْعُونَاإِلَيْهِوَفِيآذَانِنَاوَقْرٌوَمِن
بَيْنِنَاوَبَيْنِكَحِجَابٌ فَاعْمَلْإِنَّنَاعَامِلُونَ ) .
وتلك سنـّة الله تعالى في آياته ،
فهي من جهة : نورٌ ، وهدى للذين آمنوا ، بها يعتبرون ،
يعلمون بها أن الحقّ منصور ، والباطل يبور ، وأنّ أعداء الدين ، مكرهم عليهم يدور ،
ومن جهة : هـي عمَى ، وشقاءٌ ، للذين في قلوبهم زيغ ، فبها يهلكون .
كما قال الحق سبحانه : (قُلْهُوَلِلَّذِينَآمَنُواهُدًىوَشِفَاءوَالَّذِينَ
لايُؤْمِنُونَفِيآذَانِهِمْوَقْرٌوَهُوَعَلَيْهِمْعَ مًىأُوْلَئِكَ
يُنَادَوْنَمِنمَّكَانٍبَعِيدٍ) .
وقال سبحانه (وَنُنَزِّلُمِنَالْقُرْآنِمَاهُوَشِفَاء وَرَحْمَةٌلِّلْمُؤْمِنِينَوَلاَيَزِيدُالظَّالِمِين َإَلاَّخَسَارًا).
وقال سبحان (سَأَصْرِفُعَنْآيَاتِيَالَّذِينَيَتَكَبَّرُونَ
فِيالأَرْضِبِغَيْرِالْحَقِّوَإِنيَرَوْاْكُلَّآيَةٍ لاَّيُؤْمِنُواْ
بِهَاوَإِنيَرَوْاْسَبِيلَالرُّشْدِلاَيَتَّخِذُوهُس َبِيلاًوَإِنيَرَوْاْ
سَبِيلَالْغَيِّيَتَّخِذُوهُسَبِيلاًذَلِكَبِأَنَّهُ
مْكَذَّبُواْبِآيَاتِنَا وَكَانُواْعَنْهَاغَافِلِينَ) .
وهذه الآية تشمل في دلالتها : آياته المشاهدة الكونيـّة ، كما آياته
المتلوّة القرآنية ، فهي نفسها ، ينتفع بها المهتدون ، ويضلّ بهـا الضالّون
،
كما قال تعالى : ( وَلَوْفَتَحْنَاعَلَيْهِمبَابًامِّنَالسَّمَاءفَظَلّ
ُواْفِيهِيَعْرُجُونَ*
لَقَالُواْإِنَّمَاسُكِّرَتْأَبْصَارُنَابَلْنَحْنُق َوْمٌمَّسْحُورُونَ ) .
وقال تعالى : ( وَلَوْنَزَّلْنَاعَلَيْكَكِتَابًافِيقِرْطَاسٍفَلَمَ سُوهُبِأَيْدِيهِمْ لَقَالَالَّذِينَكَفَرُواْإِنْهَـذَاإِلاَّسِحْرٌمُّ بِينٌ ) .
وهكذا يقيم الله
تعالى سوق إمتحان الخلق ، بتسليط أعداءه على أولياءه ، ثم يمهل في الزمان ،
ويؤخـّر النصر عن أهل الإيمان ، ويمُلي ماشاء أن يملي ، ويخفض من شاء
ويُعلي ، حتى إذا رضي بما يرى من أهل الصدق والوفا ، واتخذ من الشهداء من
اصطفى ، وميّز صف أهل الحق من الباطل حتى صفـا ،
مكّن من شاء أن يمكنهم ، فابتلاهم بالصبر على امتثال الشريعة ، وهو بلاء أيّ بلاء ، بعدأن نصرهم على الأعداء .
فنسأل الله
تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ، ويرزقنا
اجتنابه ، وأن يرزقنا الثبات في الأمر ، والعزيمة على الرشد ، وشكر نعمته ،
وحسن عبادته ، والصبر على مراده منا حتى نلقاه آمين