البازين
البازين " إسم لأكلة شعبية ليبية لا يكاد بيت ليبي من أقصى شرق البلاد لغربها، ومن شمالها لجنوبها يخلو من جلسة حول هذه الأكلة ذات الشعبية الكبيرة في البلاد، حيث يلتئم جمع الأهل حول الصحن الذي توضع فيه هذه الآكلة ويسمى (القصعة).
" البازين " هو عبارة عن دقيق مرحي مستخلص من القمح، حيث يوضع في قدر من الماء، ويترك حتى يغلي، ثم يتم تحريكه بعصا خشبية تعرف باللهجة الليبية (بالمغرف) حتى يتماسك العجين، وبعد ذلك يقسّم العجين إلى قطع توضع كل قطعة في صحن، بحيث يتم عجن (أي تشكيل) كل قطعة في شكل شبه قبة، ثم بعد ذلك يطبخ حساء البازين لوضعه على هذا العجين.
والحساء هو عبارة عن خليط من البطاطا والبصل والطماطم والحرارات والبهارات واللحم، تشكل في مجموعها حساء لذيذا، يضاف في أغلب الأحيان بيض مسلوق إلى قصعة البازين، ويؤكل البازين باليد، وهو ما يجسد قيمة عالية للتراث والتواضع، وأغلب الناس تفضل أكل البازين ومعه الفلفل الأخضر، وبخاصة المخلل الذي يسميه الليبيون (المسيّل)، والصورة المرفقة مع المقال معبرة تماما عن البازين وجمال مذاقه.
أغلب الليبيين يفضلون تناول البازين في فصل الشتاء، لأنه يعمل على تدفئة الجسم، وكذلك في المناسبات الكبيرة وبخاصة في الأعراس، حيث تخصص وجبة كاملة ورئيسية للبازين، وأغلب الرجال يطلبونه ويقبلون عليه في مثل هذه المناسبات.
البازين يعشقه الليبيون بشغف كبير، حيث كان الزاد في مسيرة الجهاد التي خاضها الأجداد ضد الطليان الفاشست، فكانت المرأة الليبية المناضلة تعد البازين للمجهادين، وتتغنى به بالأغاني الشعبية الليبية التي ترفع من معنويات المجاهدين، وتثبت العزيمة في صدورهم.
الآن يتدفق على ليبيا أفواج من السياح والزائرين للتعرف على معالمها السياحية الخلابة وصحرائها الجذابة وشواطئها الطويلة، وأثناء تنقل السواح والزائرين والضيوف تجد السؤال المتكرر دائما عندهم وهو: نريد بازين؟ فأغلبهم يسمع به ولم يره.
وبطبيعة الشعب الليبي المضياف، يتم تجهيز البازين للضيف، وتجد أغلب العائلات تتسارع إلى دعوة الضيف لتناول البازين عندهم إكراما له، ولأن العادات الأصيلة للشعب الليبي تحتم ذلك. وعند تقديم البازين للضيف، وبخاصة من يراه لأول مرة، ترى المفاجآت، فأغلبهم يقول (بالله عليكم زيدوني) لشدة إعجابه بمذاقه، ومنهم من يقول مازحا أنه أشبه بقنبلة، ولكن بجد إنه قنبلة حسائية لها أثر تفجيري حلو المذاق داخل البطن.
بالهناء والشفاء لمن تذوق أكلنا الشعبي الذي نعتز به، وورثناه وبكل فخر أجيالا بعد أجيال عن أجدادنا الذين شرفوا ليبيا بالتضحيات الجسام التي قدموها دفاعا عن ترابها الطاهر، ومن يحن لتذوق أكلنا والتعرف على عادات الشعب الليبي الأصيل فعلى الرحب، تفضلوا وستجدون كل بيت ليبي مفتوح لاستقبالكم لحبهم لكرم الضيافة والترحاب.
هل وزنك سليم؟