اختصّ
الله عزّوجل نبيه محمداً - صلى
الله عليه وسلم – بجملة من الخصائص
الأخروية ، لإظهار مكانته وعلوّ منزلته من جهة ، وبيان شرف هذه الأمة على غيرها من الأمم من جهة أخرى .
فمن خصائصه - صلى
الله عليه وسلم- أنه أول من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة ، فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي
الله عنه أن رسول
الله - صلى
الله عليه وسلم - قال : ( ...فأكون أول من تنشق عنه الأرض ) .
ومن خصائصه
عليه الصلاة والسلام ، إعطاؤه السيادة على البشريّة ، وجعله قائداً لهم وحامل لوائهم يوم القيامة ، كما في حديث أبي سعيد رضي
الله عنه أنّه سمع
النبي - صلى
الله عليه وسلم - يقول : ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر ،
وما من نبي يومئذ ، آدم فمن سواه إلا تحت لوائي ) رواه الترمذي .
ومن جملة خصائصه
عليه الصلاة والسلام ، تشريفه بالمقام المحمود ، وهي شفاعته – صلى
الله عليه وسلم – في بدء الحساب والجزاء ، ففي صحيح البخاري أن
النبي – صلى
الله عليه وسلم – بعد أن ذكر موقف الحساب وشفاعته للخلق قال : ( .. وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم صلى
الله عليه وسلم ) .
وهو أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ، وأوّل من يقرع باب الجنّة ، وأوّل
من يشفع لهم في دخولها ، بل صحّ الحديث في اختصاص سبعين ألف رجل من أمّته
في دخول الجنّة من غير سابقة حسابٍ أو عذاب ، فقد روى البخاري و مسلم عن
عبدالله بن عباس رضي
الله عنهما أن
النبي - صلى
الله عليه وسلم – قال : ( عُرضت عليَّ الأمم ، فجعل
النبي والنبيان يمرون معهم الرهط ، والنبيّ ليس معه أحد ، ورأيت سوادا كثيراً
سدّ الأفق ، فرجوتُ أن يكون أمتي ، فقيل : " هذا موسى وقومه " ، قيل : "
انظر إلى الأفق " ، فإذا سواد يملأ الأفق ، ثم قيل لي : " انظر ها هنا وها
هنا في آفاق السماء ، فإذا سواد قد ملأ الأفق ، فقيل : ( هذه أمتك ، ويدخل
الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب ، تضيء وجوههم إضاءة القمر ) ، وجاء
عند الترمذي من حديث أبي أمامة رضي
الله عنه أن
الله سبحانه وتعالى زاد نبيّه مع كل ألفٍ سبعين ألفاً ، وذلك من فضل
الله على هذه الأمّة .
ومن خصائصه – صلى
الله عليه وسلم – الأخرويّة شهادته مع أمّته على الأمم بتبليغ أنبيائهم وقيام الحجّة
عليهم ، كما قال تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس
ويكون الرسول عليكم شهيدا } ( البقرة : 143 ) ، وفي صحيح البخاري عن أبي
سعيد الخدري رضي
الله عنه أن رسول
الله - صلى
الله عليه وسلم – قال : ( يُدعى نوح يوم القيامة ، فيقول : لبيك وسعديك يا رب ، فيقول له
: هل بلغت ، فيقول : نعم ، فيُقال لأمته : هل بلّغكم ؟ ، فيقولون : ما
أتانا من نذير ، فيقول
الله : من يشهد لك ؟ ، فيقول : محمد وأمته ، فيشهدون أنه قد بلغ ) .
كما أنّه – صلى
الله عليه وسلم – أوّل من يعبر الصراط من الرسل بأمّته ، ففي حديث أبي هريرة رضي
الله عنه أن رسول
الله - صلى
الله عليه وسلم - قال : ( ... فيُضرب الصراط بين ظهراني جهنم ، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته) رواه البخاري و مسلم .
ومن
خصائص النبي – صلى
الله عليه وسلم – الأخرويّة الكوثر ، وهو النهر العظيم الذي وعده
الله به في الجنة ، يُسقى منه أتباعه من أمته دون غيرهم ، روى البخاري عن أنس بن مالك أن
النبي - صلى
الله عليه وسلم - قال : ( بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف
، قلت : ما هذا يا جبريل ؟ ، قال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ) .
ومنها كذلك ، منزلة الوسيلة ، وقد جاء تفسيرها في حديث عبد
الله بن عمرو بن العاص أنه سمع
النبي صلى
الله عليه وسلم يقول : ( ..سلوا
الله لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد
الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ) رواه مسلم .
ومن تكريم
الله له أن جعل أمّته نصف أهل الجنّة ، فعن عبد
الله بن مسعود رضي
الله عنه قال : كنا مع
النبي – صلى
الله عليه وسلم – في قبّة فقال : ( أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة ؟ ، قلنا : نعم، فقال
: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة ؟ ، قلنا : نعم ، فقال : أترضون أن
تكونوا شطر أهل الجنة ؟ ، قلنا : نعم ، فقال : والذي نفس محمد بيده ، إني
لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة ) رواه البخاري .
تلك هي بعض خصائصه -صلى
الله عليه وسلم- التي اختصّه
الله بها دون غيره من الأنبياء في الآخرة ، وهي تُعطينا صورةً حقيقيّة عن مكانته عند ربّه وكرامته
عليه ، فصلوات
الله وسلامه
عليه .