تسود العديد من الأوهام الكبيرة عن الشيخوخة ولاسيما لدى الشباب لارتباطها في أذهانهم بالكثير من الإشكالات الصحية والنفسية والاجتماعية غير المسرة التي يشاهدونها على بعض أقاربهم أو يسمعون بها من قبل بعض الناس والأوساط الطبية والوسائل الإعلامية المختلفة .
وعلى الرغم من أن الدراسات المختلفة تؤكد بان عمر الإنسان يطول بالمعدل المتوسطي بشكل ملموس في مختلف دول العالم بسبب تقدم الطب في مختلف المجالات التي لها علاقة بطول العمر وصحة الإنسان إلا أن الشيخوخة تظل أمرا مقلقا بالنسبة للكثيرين. المختصون الصحيون التشيكيون يرجعون الخوف من الشيخوخة إلى أسباب عديدة منها وجود العديد من المغالطات والأوهام عنها ولذلك يشيرون إلى أهمها في محاولة لإبعاد الأوهام السائدة عنها .
الوهم الأول : الشيخوخة مرتبطة دائما بفقدان الأسنان
يعود السبب الأساسي لفقدان الأسنان لدى الناس المسنين إلى التهابات اللثة التي تتجلى في تحولها إلى اللون الأحمر ثم إلى التورم قليلا فحدوث النزيف وهذا المرض يصيب عادة نحو 90 % من الناس خلال حياتهم .
ووفق الخبراء فان فقدان الأسنان يتم الآن بشكل اقل عما كان عليه الأمر في الماضي كما انه يمكن تجنب الإصابة بهذا المرض بشكل فعال أما فرشاة الأسنان فيتوجب تغييرها كل أسبوعين لتجنب تكاثر البكتريا فيها وبالطبع يتوجب ليس فقط استخدام فرشاة الأسنان العادية لتنظيف الأسنان واللثة وإنما أيضا الخيطان والفرشاة الصغيرة التي تدخل بين الأسنان وقد لوحظ أيضا أن احتمالات إصابة اللثة بالتهابات تزيد عند المدخنين أكثر من عند غير المدخنين .
الوهم الثاني : النحافة تضمن عمرا أطول
أظهر بحث جديد أجري في جامعه بالتيمور استغرق 50 عاما وشارك فيه 3000 مسن بان الوزن الخفيف للجسم لا يضمن العيش فترة أطول بل على العكس من ذلك فقد اثبت انه في حال الوصول إلى عمر 75 عاما فان زيادة الوزن بمقدار عدة كيلوغرامات يمكن له أن يكون مفيدا جدا للجسم.
وقد تبين بان الناس الذين كانت أوزانهم 27 وفق مقياس BMI ( الكتلة الجسمية ) عاشوا عمرا أطول من الذين كانت أوزانهم 19 و25 وفق نفس المقياس
.
ويعيد رئيس الفريق الذي نفذ البحث لويغي فيروسي ذلك إلى حقيقة أن الجسم على الأرجح يستخدم كمية قليلة من الدهون كمصدر مزود للطاقة لنظام المناعة في الفترة التي يقاوم فيها مثلا الأمراض أو العدوى الفيروسية غير أن العلماء يؤكدون في نفس الوقت بان امتلاك الوزن 30 وفق مقياس BMI يهدد الصحة بشكل أكثر .
الوهم الثالث : جميع المسنين ينامون بشكل سيئ
يرتبط التقدم بالعمر في أذهان العديدين بالنوم السيئ مع أن هذه المسألة هي حسب المختصين من جامعه واشنطن مسالة نسبية .
حتى الآن كان يزعم بان نوعية النوم تبدأ بالتدهور في أواخر العمر المتوسط ومنها يتم الانتقال من سيئ إلى أسوأ أما العلماء الذين اجروا بحثا جديدا في هذا المجال فقد توصلوا إلى نتيجة مفادها بان نوعية النوم وبدءا من عمر الستين لا تتغير كثيرا .
الباحثون أكدوا أن النوم السيئ لا يتم نتيجة للشيخوخة والتقدم في العمر وإنما بسبب الأمراض والأدوية التي يستخدمها المسنون أي باختصار كلما كان الإنسان أكثر مرضا كلما أصبح نومه أكثر سوءا أما المسنين المعافين فلديهم إشكالات بالحدود الدنيا مع النوم .
الوهم الرابع : تغيير أسلوب الحياة لا يحمي من مصاعب الشيخوخة
يعتقد الكثير من المسنين انه بدءا من عمر معين ليس هنالك من معنى لإجراء أي تغييرات في أسلوب الحياة لان الشيخوخة لا يمكن إيقافها . صحيح انه في حال إجراء التركيز مبكرا على تغيير أسلوب الحياة فان الفعالية تكون اكبر غير أن إجراء تغييرات في قائمة الطعام الذي يتم تناوله أو في ممارسة الحركة هو مفيد في أي مرحلة من العمر .
ففي عام 1990 بدأ تنفيذ بحث طويل الأمد جرى التركيز فيه على صحة المدخنين الذين قرروا التخلص من عادة التدخين ووفق رئيس الفريق الباحث انتونيو نوفيلو فان الناس الذين توقفوا عن التدخين في عمر متقدم عاشوا عمرا أطول وكانوا أكثر صحة من الذين استمروا في التدخين .
وعلى الرغم من أن تأثير التدخين على صحة الإنسان يتراجع مع التقدم في العمر إلا أن المختصين يشددون على انه من المفيد التخلي عن التدخين في أي وقت وانه بعد 20 دقيقة من تدخين السيجارة الأخيرة ينخفض ضغط الدم وتعود درجة حرارة الجسم إلى وضعها الطبيعي أما بعد ثمانية ساعات من تدخين السيجارة الأخيرة فان مستوى الأوكسجين يرتفع في الدم وبعد يوم من التخلص من التدخين يتراجع خطر الإصابة بالنوبات القلبية أما بعد خمسة أعوام من ترك التدخين فان خطر الإصابة بسرطان الرئة يتراجع بنسبة النصف .
إن كل هذا الأشياء الايجابية تنتظر حقيقة الإنسان الذي يتوقف عن التدخين بغض النظر عن العمر الذي يقرر فيه ذلك .
الوهم الخامس : عندما تشيخون لا تطاقون
يتم وبشكل تقليدي الاعتقاد بان الناس المسنين يصبحون متقلبي المزاج وحادين ولا يتحملون الآخرين ونزقين غير أن دراسة حديثة أجريت في جامعة بالتيمور توصلت إلى أن شخصية الإنسان بعد الثلاثينات لا تتغير كثيرا ولذلك فإذا كنتم في الأربعينيات اجتماعيين ومتفائلين يمكن الافتراض بان هذه الخصائص ستستمر فيكم أيضا عندما تصلون إلى السبعينيات من العمر .
الباحثون شددوا في نفس الوقت على أن هذه القاعدة تسري على الناس الأصحاء فقط لان الإصابة بجلطة دماغية أو بالخرف مثلا يمكن لهما أن يغيرا شخصية الإنسان بشكل ملموس .
الوهم السادس : الشيخوخة تعني الإصابة بالعته أو الخرف حتما
هل تحضرون أنفسكم منذ الآن للوضع الذي ستنسون فيه أسمائكم بعد أن تصبحون مسنين ؟ إن الحقيقة هي أن مرض العته أو الخرف وهو حالة من الفقدان المطرد للذاكرة والقدرة الذهنية ينعكس على القدرة الوظيفية لا يصيب لحسن الحظ سوى نسبة قليلة من الناس.
ويعاني منه وفق مختلف المعطيات الإحصائية ما بين 5% ــ %10 من الناس الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما كما انه بالامكان تجنب أو تخفيض احتمالات الإصابة بتراجع المقدرات الذهنية والحركية للشخص .
الباحثون أجروا مراجعة للعديد من الدراسات وتوصلوا إلى أن نقص الفيتامينات والمواد المعدنية يعمق مظاهر الخرف وان قلة مستوى حمض الفوليك عند الناس المسنين يؤدي إلى حدوث انهيارات في الذاكرة والى تهيجات وفي بعض الأحيان إلى الكآبة كما أن نقص فيتامين ب 6 يمكن أن يؤدي إلى إشكالات في الألياف العصبية .