السؤال
السلام عليكم
مشكلتي أن نفسي بدأت تطاوعني، خاصة وأني غير متزوج، وأنا شاب متدين لكني مازلت ناقصا ومقصرا؛ لهذا لست ملتحيا، وهذا ما يسبب لي مشكلة، فكثر عليّ إغراء النساء لي، واختلط عليّ أمر حب الله، فأتتني شبهة أني لا أظلم إلا نفسي؛ لأن الله غني عني، ولا يضره شيء إن عصيته، فأنا في مأزق كبير، لو تجيبوني أو تبحثوا لي عن جواب من متخصص.
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زكرياء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فمرحبًا بك - أيها الأخ الحبيب - في استشارات إسلام ويب، ونحن نسأل الله تعالى أن يزيدك صلاحًا وهدى وتقى، وأن يجنبك مضلات الفتن.
نحن سعداء - أيها الحبيب - بما وصفت به نفسك بأنك متدين، ونأمل - إن شاء الله تعالى - أن تحاول مجاهدة نفسك بالرقي بإيمانك بالإكثار من الأعمال الصالحة، وملازمة الصالحين، والإكثار من مجالسة الطيبين، والتقرب إلى الله تعالى بأداء الفرائض التي عليك، واجتناب المحرمات، فكل هذا مما يقوي إيمانك ويرفع درجتك عند الله تعالى.
أما ما ذكرته بأنها شبهة فليست شبهة، بل هي حقيقة، الحقيقة أن الإنسان حينما يعصي ربه فإنه لا يظلم إلا نفسه، وأما الله سبحانه وتعالى فإنه غني عن العالمين، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد}، وقال في الحديث القدسي: (لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا) ثم قال في آخر الحديث: (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه).
فالإنسان حينما يرتكب الذنب إنما يظلم نفسه، هذه الحقيقة ليست شبهة، ونحن مسرورون جدًّا بأنك توصلت إلى هذه الحقيقة وأدركتها وأيقنتها، ولهذا نأمل - إن شاء الله تعالى - أن تسعى في تخليص نفسك من ظلم نفسك، كما قال ابن القيم – رحمه الله تعالى -: "ما يفعل الأعداء من جاهل ما يفعل الجاهل من نفسه".
فالإنسان قد يظلم نفسه ظلمًا أشد من ظلم الآخرين لها، وأي ظلم أعظم من أن يُعرّض الإنسان نفسه لعقاب الله ولإدخالها النار، وقد أمره الله تعالى بتزكية نفسه، وأمره بالأخذ بأسباب نجاتها وفلاحها، ثم بعد ذلك يتنكر لكل هذا ويعرض نفسه لسخط الله تعالى.
أنت - أيها الأخ الحبيب - لا تزال على خير كبير - إن شاء الله - وعليك أن تجاهد نفسك لتتجنب أسباب الفتنة في دينك وأسباب الوقوع في الذنب، وأعظم فتنة يتعرض لها الإنسان فتنة النساء، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا في الحديث الصحيح فقال: (ما تركتُ بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) لاسيما وأنت شاب وغير متزوج، وقد تُصاب بمخالطة النساء ومجالستهنَّ، فعليك أن تأخذ بالأسباب التي تجنبك الوقوع في هذه الفتنة العظيمة.
أول هذه الأسباب أن تغضّ بصرك، كما أمرك الله تبارك وتعالى بقوله: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}.
السبب الثاني: أن تتجنب الاختلاط بالنساء لغير حاجة، فإذا دعتك الحاجة فكن ملتزمًا بما ذكرنا من غض البصر.
السبب الثالث: تجنب التفكر في النساء ومحاسنهنَّ.
السبب الرابع: امتثال ما أمرك الله تبارك وتعالى به من إظهار سيم التدين والصلاح، فإن المفسدين والمفسدات في الأرض إذا رأوا في الإنسان سيم التدين وسيم الصلاح قطعوا أطماعهم فيه.
السبب الخامس: الإكثار من مجالسة الصالحين وحضور مجالس العلم ومجالس الذكر، وإشغال نفسك بالأمر النافع في أمر دينك أو دنياك.
السبب السادس: السعي في أسباب الزواج بقدر الاستطاعة، وإذا لم تستطعه الآن فعليك بالتعفف وحفظ النفس من الوقوع في المحرمات (محرمات النظر أو محرمات الاستماع أو نحو ذلك) وكن على ثقة بأنك إذا أخذت بأسباب العفة فإن الله سبحانه وتعالى سيتولى عونك، ويوفر لك وييسر لك الأسباب التي توصلك إلى ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة حق على الله عونهم) ومنهم (الناكح يريد العفاف).
فأنت إذا أخذت بأسباب العفاف فإن الله عز وجل سيتولى عونك، فتوجه إليه سبحانه وتعالى بصدق واضطرار، واسأله أن يعفك بالحلال عن الحرام، وأن يتولى عونك على مجاهدة نفسك، اسأله هذا باضطرار وصدق، وأحسن به الظن سبحانه وتعالى أن يعينك على ذلك، فإنه يفعل بالعبد ما يظنه به، كما قال سبحانه في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي عبدي ما شاء).
وبهذا - إن شاء الله - نأمل أن تخلص نفسك من مغبة هذه الفتنة العظيمة، نسأل الله أن ييسر لك الخير ويقدره لك حيث كان.