أكد المفكر والباحث الاجتماعي التونسي د. الطاهر لبيب أن الثورات العربية فاجأت الجميع إذ لم يكن أحد يتنبأ بها سواء من طبقة النخبة أم سواهم من الفئات الاجتماعية المختلفة، مشيراً إلى أن الشعوب العربية كانت تنتظر مثل هذا التغيير منذ سبعينات القرن الماضي فيما يعرف آنذاك باليسار العربي على حد قوله.
وأشار الباحث، خلال محاضرة بعنوان: »قراءة فكرية في الربيع العربي« قدمها مساء أول من أمس في مقر الندوة في الممزر، بأن العالم العربي انتقل من حالة « اللاممكن« إلى حالة »الممكن« حيث كان الجميع يتوقع حدوث ثورة غير أنهم لم ينتظروها، مشيراً إلى أن من أهم العوامل الفكرية التي لعبت دوراً في تأخر مثل هذه الثورات هو عدم وجود مفهوم للقطيعة مع الماضي إضافة إلى عدم وجود أنساق فكرية متماسكة وغياب المشاريع التي يلتف حولها المثقف العربي بجانب تكريس ثقافة البقاء والخوف من اللااستقرار واللا أمان، اضافة إلى ذلك مجموعة من الشعارات التي صنعتها الأنظمة العربية السابقة منها »60 سنة تحت سلطان جائر أفضل من ليلة بلا سلطان« بجانب تكريس تلك الأنظمة لمؤسسات التنشئة الاجتماعية من المدرسة ووسائل الإعلام للحفاظ على ديمومتها وكذا الاستنجاد بالنخبة المثقفة لوضع برامج تتماشى مع سياستها ليتم استبعادهم عن الحياة السياسية من بعد التأكد من نجاح مخططاتها.
وفي رد على سؤال لـ »البيان« حول مستقبل هذه الثورات، قال لبيب ان »الربيع العربي سيفرز منظومة من المفاهيم السياسية الجديدة لم تكن متداولة في ظل الأنظمة الديكتاتورية التي سقطت بفعل الثورات«، مستشهدا بمثال تونس حيث كان نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي يعمل على إقصاء المجتمع المدني من المشاركة في الحياة السياسية. ولفت إلى أنه »حان الوقت لتحقيق ما أسماها بنهضة شاملة على مستوى العالم العربي الذي لابد أن يكون مصدراً لتصدير الثورة إلى الغرب وأن تكون مثل هذه الثورات مرجعية تدرس في المعاهد والجامعات«. وأوضح أنه بالرغم من الأحداث المتسارعة والمتلاحقة في الوطن العربي إلا أنه لم يكن هناك اتفاقاً حول مصطلح واحد يرمز إلى مثل هذه الأحداث ففي الوقت الذي ذهب فيه البعض إلى أنها ثورة حقيقية وهم أنصارها ومفجريها من الشباب الذين وقفوا في وجه الأنظمة »الديكتاتورية« والذين تمكنوا من اسقاطها.
وعي
بيّن د.لبيب أن الثورات العربية أو ما يسمى بـ »الربيع العربي« كشف الوعي الكبير لدى الشباب ودحض كل الأفكار السلبية والمسبقة التي كانت تطلق عليهم من طيش وتهور ولاوعي وعدم قدرتهم على تحمل المسؤوليات بل أصبحوا هم قادة الثورة بعد أن كان مجرد التغيير في النظام السياسي ضربا من ضروب الخيال مؤكدا على أننا أمام فرصة حقيقية لتغيير منظمة المفاهيم الفكرية ، معرباً عن تأييده لجميع الثورات طالما أتت في صالح الشعوب. و لم يخف الباحث تخوفه من حدوث انتكاسة في هذه الثورات من خلال محاولة رجال الساسة في الأنظمة المخلوعة العودة إلى الحياة السياسية ومن ثم حماية رموز الأنظمة السابقة بشكل أو بآخر